الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
قال ابن عباس خلق الله عز وجل الماء فكان على متن الريح وخلق الحوت فوق الماء ثم كبس الأرض عليه فاضطرب النون فمادت الأرض فأثبتت بالجبال وقال السدي عن أشياخه أخرج الله عز وجل من الماء دخانا سما عليه فسماه سماء ثم أيبس الماء فجعله أرضا واحدة ثم فتقها فجعلها سبع أرضين فالأرض على حوت في الماء والماء على ظهر صفاة والصفاة على ظهر ملك والملك على صخرة والصخرة والحوت في الريح قال وهب واسم الحوت بهموت وقال قتادة عمران الأرض أربعة وعشرون ألف فرسخ في مثلها فالسند والهند من ذلك اثنا عشر ألف فرسخ في مثلها وهم ولد حام والصين ثمانية آلاف فرسخ في مثلها وهم ولد يافث والروم ثلاثة آلاف فرسخ في مثلها والعرب ألف فرسخ وهم والروم جميعا من ولد سام عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما خلق الله الأرض جعلت تميد فخلق الجبال فألقاها عليها فاستقرت فتعجبت الملائكة من خلق الجبال فقالت يا رب هل من خلقك شيء أشد من الجبال قال نعم الحديد قالت يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الحديد قال نعم النار قالت يا رب فهل من خلقك شيء أشد من النار قال نعم الماء قالت يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الماء قال نعم الريح قالت يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الريح قال نعم ابن آدم يتصدق بيمينه يخفيها عن شماله قال العلماء أول جبل وضع على الأرض جبل أبي قبيس وكان أول من بنى فيه رجل يقال له أبو قبيس فسمي بذلك وكان يقال له في الجاهلية الأمين لأن الركن كان مستودعا فيه من زمان الطوفان وهو أحد الأخشبين ومن مشاهير الجبال جبل ثور بمكة والحجون جبل واحد بالمدينة وجبل العرج بين مكة والمدينة يمضي إلى الشام حتى يتصل بلبنان ثم يتصل بجبال أنطاكية والمصيصة فيسمى هنالك اللكام وفي سرنديب الجبل الذي أهبط عليه آدم وعليه العود والفلفل وفيه دابة المسك وجبل الروم الذي سد فيه ذو القرنين على يأجوج ومأجوج طوله سبعمائة فرسخ وينتهي إلى البحر المظلم وقد ذكر قدامة أن الذي وجد في الإقليم الأول من الجبال تسعة عشر وفي الإقليم الثاني سبعة وعشرون جبلا وفي الإقليم الثالث أحد وثلاثون وفي الرابع أربعة وعشرون وفي الخامس تسعة وعشرون وفي السادس أربعة وعشرون وفي السابع أربعة وعشرون أيضا فجميع ما عرف من الجبال مائة وثمانية وتسعون جبلا وقد أحصيت المعادن كالجص والنورة فوجدوها سبعمائة معدن والأقاليم سبعة فالإقليم الأول الهند والثاني الحجاز والثالث مصر والرابع بابل والخامس الروم والسادس الترك ويأجوج ومأجوج والسابع الصين ومقدار كل إقليم سبعمائة فرسخ والبحر الأعظم محيط بذلك كله يحيط به جبل قاف وأما الأنهار فمنها النيل والفرات ودجلة وسيحان وجيحان وكان قد أوحى الله تعالى إلى دانيال عليه السلام احفر لي نهرين بالعراق فقال إلهي بأي مساح وبأي رجال فأوحي إليه أن أعد سكة حديد وعرضها واجعلها في خشبة فألقها خلف ظهرك فإني باعث إليك الملائكة يعينونك فحفر فكان إذا انتهى إلى أرض أرملة أو يتيم حاد عنها حتى حفر دجلة والفرات ومن العجائب في الدنيا عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال من العجائب التي وصفت في الدنيا أربع منارة الإسكندرية عليها مرآة حديد يقعد القاعد تحتها قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فيرى من بالقسطنطينية وبينهما عرض البحر وسوداني من نحاس على قضيب من نحاس على باب الشرقي برومية فإذا كان أوان الزيتون صفر ذلك السوداني فلا يبقى سودانية إلا جاءت معها بثلاث زيتونات زيتونتان في رجليها وزيتونة في منقارها فألقته على ذلك السوداني فتحمل أهل رومية فيعصرون ما يكفيهم لسرجهم وإدامهم إلى العام المقبل ورجل من نحاس بأرض اليمن ماد يده إلى وراء يقول ليس ورائي مذهب ولا مسلك وهي أرض رجراجة لا يستقر عليها الأقدام غزاها ذو القرنين في سبعين ألفا فخرج عليهم نمل كالبخاتي فكانت النملة تخطف الفارس عن فرسه وبطة من نحاس على عمود من نحاس فيما بين الهند والصين فإذا كان يوم عاشوراء شربت البطة من الماء حاجتها ومدت منقارها فيفيض من فيها من الماء ما يكفيهم لزروعهم ومواشيهم إلى العام المقبل قال العلماء أول من سكن الأرض الجن وكانوا يعبدون الله عز وجل ثم تناول بعضهم بعضا بالقتل قال ابن عباس الجن ضعفاء الجان قال مجاهد ملك الأرض كلها أربعة مؤمنان وكافران فأما المؤمنان سليمان بن داود وذو القرنين عليهما السلام والكافران نمرود وبخت نصر وقال كعب ساكن الأرض الثانية الريح العقيم وساكن الأرض الثالثة حجارة جهنم وفي الرابعة كبريت جهنم وساكن الأرض الخامسة حيات جهنم وساكن الأرض السادسة عقارب جهنم وفي السابعة إبليس موثق يد أمامه ويد خلفه ورجل أمامه ورجل خلفه فتأتيه جنوده بالأخبار في مكانه ذلك فأما الجن فهم ثلاثة أنواع جان وجن وشياطين وكلهم خلقوا قبل آدم وفي الجان ثلاثة أقوال أحدها أنه أبو الجن رواه الضحاك عن ابن عباس وهو مخلوق من مارج من نار والمارج لسان النار الذي يكون في طرفها إذا التهبت والثاني أن الجان هو إبليس قاله الحسن وعطاء والثالث أن الجان مسيخ الجن كما أن القردة والخنازير مسيخ الإنس رواه عكرمة عن ابن عباس فأما الشيطان فهو كل متجبر عات من الجن وكذلك المارد والعفريت وفي إبليس قولان أحدهما أنه كان من أشراف الملائكة والثاني أنه كان من الجن قال مجاهد لإبليس خمسة أولاد نبر والأعور ومسوط وداسم وزلنبور فأما نبر فهو صاحب المصائب يأمر بشق الجيوب ولطم الخدود وأما الأعور فيأمر بالزنا ومسوط صاحب الكذب يلقى الرجل فيخبره بالشيء فيتحدث الرجل به وداسم يوقع بين الرجل وأهله وزلنبور يركز رايته في السوق ويوقع بينهم.
قل للذين غفلوا ولعبوا كأنهم قد تعبوا ما لهم عبرة في الذين ذهبوا أما الكأس بيد الساقي ومنه شربوا. انتبهوا يا نيام افهموا هذا الكلام قد بقيت لكم أيام هذا عود الحياة قد يبس ونور الشباب بالشيب منطمس ولسان الفرح بالترح قد خرس وسواء في الموت المهمل والمحترس ولا فرق عنده بين اللين والشرس إخواني كم رأيتم من قبر مندرس إخواني كم تلي عليكم زجر ودرس إخواني كأنكم في كف المختلس إنما هو نفس منطلق وكأن قد حبس ترى متى ينقى هذا القلب الدنس إلى كم ذا المريض كل يوم ينتكس إنما أنت بقية الراحلين فاعتبر بهم وقس. الدنيا بحر عجاج ليس راكبه بناج الدنيا كظلمة ليل داج ليس فيها إلا الزهد سراج هدوءها انزعاج وسكونها اختلاج ضيقة الفجاج كدرة المزاج لا تغرنك ولو ألبستك التاج وقد خاطر من حمل في الوحل الزجاج تريك السلامة تغريرا وتمويها وتظهر المحاسن والقبائح وتخفيها تبين كل كف كانت تبنيها ما تعتذر إلى جريحها كبرا وتيها. محن الدنيا ولذاتها أنموذج ما في الآخرة فلو أصغى سمع القلب فهم لما أهديت معاذة العدوية إلى صلة بن أشيم أدخله ابن أخيه الحمام ثم أدخله بيتا مطيبا فقام يصلي حتى برق الفجر فقامت فصلت قال فأتيته فقلت يا عم أهديت إليك ابنة عمك فقمت تصلي فقال يا بن أخي أدخلتني أمس بيتا أذكرتني به النار ثم أدخلتني الليلة بيتا أذكرتني به الجنة فما زال فكري فيهما إلى الصباح يا أيها الراحل وما له رواحل يكفي في الوعظ أربعون كوامل كلهن من فعل الخير عواطل متى تسمع قول العاذل متى تؤثر المكاتبات بالرسائل أما أنت في صف الحرب تقاتل هذا العدو ينصب الحبائل قد فوق السهم وأم المقاتل إلى متى ترضى باسم جاهل إلى متى تؤثر لقب غافل كم تعد بالتوبة وكم تماطل أين قلبك قلبك على مراحل كم أسمعك الموت وعيدك فلم تنتبه حتى قطع وريدك ونقض منزلك وهدم مشيدك ومزق مالك وفرق عبيدك وأخلى دارك وملأ بيدك أما رأيت قرينك أما أبصرت فقيدك يا ميتا عن قليل ممهد تمهيدك وانظر لنفسك مجتهدا وحقق تجويدك لقد أمرضك الهوى وفي عزمه أن يزيدك يا عجبا للجاهل المغرور كيف يشتغل بعمارة الدور قد بعث الموت للرحيل المنشور السقام أقلامه واللحود السطور.
قال مالك بن دينار يقول الله عز وجل وعزتي إني لأهم بعذاب أهل الأرض فإذا نظرت إلى أهل الجوع والعطش من مخافتي صرفت عنهم العذاب وقال ميمون بن مهران الذكر ذكران ذكر باللسان وأفضل منه ذكر الله عند ما يشرف عليه من معاصيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كان الكفل من بني إسرائيل لا يتورع من ذنب فأتته امرأة فأعطاها ستين دينارًا فلما قعد منها مقعد الرجل أرعدت وبكت فقال ما يبكيك قالت هذا عمل لم أعمله قط فقال اذهبي والدنانير لك ثم قال والله لا يعصي الله الكفل أبدًا فمات من ليلته فأصبح مكتوبًا على بابه قد غفر الله للكفل.يا من لا يترك ذنبًا يقدر عليه يا من أكثر عمله الذي له عليه كم ضيعت في المعاصي عصرا كم حملت على الأزر من الوزر أزرا أترضى أن تملأ الصحائف عيبا وخسرا أما يكفي سلب القرين وعظا وزجرا لقد ضيعت شطرا من الزمان فاحفظ شطرا ما أبقت لك الصحة حجة ولا تركت عذرا كم نعمة نزلت بك وما قرنتها شكرا تقابلها بالمعاصي فتبدل العرف نكرا كم سترك على الخطايا وأنت لا تقلع دهرا كم نمت عن صلاة وكم شربت خمرا كان الشيب هلالا وقد صار بدرا تعاهد ولا تفي إلى كم غدرا أطال عليك الأمد فصار القلب صخرا إنما بقي القليل فصبرا يا نفس صبرا.
|